كيف نعيد التواصل بين الأجيال

من الطبيعي ومن المنطقي ان يحدث اختلافات وتغيرات بين كل جيل والجيل الذي يليه في النظرة الي الحياة وكذا في اختلاف الرؤي وذلك نظرا لتطور الحياة وتغير انماطها وسلوكياتها والمؤثرات الخارجية من وقت لاخر في نفس المجتمع وبناءا علي هذا يصبح لكل جيل سماته وسلوكياته التي تميزه عن غيره من الاجيال  سواء من ناحية المظهر او الجوهر  وحتي من حيث اختلاف التطلعات والطموحات هذه التغيرات تعبر عن ظاهرة صحية وطبيعية في المجتمع ولا تستدعي الاستغراب او الاستهجان سنة الحياة هى التطور والتغير قد تكون هذه التغيرات حضارية ايجابية تدفع المجتمع الي الافضل في طريق الاصلاح والبناء مثل الاعتماد علي التقنيات الحديثة و اساليب الاتصال السريعة و قد تكون هذه التغيرات سلبية مثل الابتعاد عن القراءة وضعف الروابط الاجتماعية واحيانا بعض السطحية مع الجنوح الي الحلول السهلة ورغم هذه التغيرات إلا انه يبقي الترابط والتواصل بين الاجيال المختلفة بحكم التواجد والاحتكاك بين الاجيال ويخلق هذا الترابط قيم الانتماء والمشاركة في المجتمع ويدرك الجميع قيمة التحديات والواجبات المفروضة عليهم جميعا

الفجوة بين الأجيال

ان ما يحدث في الحقبة الحالية ان هذا الترابط بين الاجيال قد ضعف واصابه الوهن وبدأت الفجوة بين الاجيال المختلفة تزيد وتتسع ويزيد معها مشاكل التواصل والتفاهم والتعاون من اجل حياة افضل وبالتالي تظهر علي سطح المجتمع مشاكل وعقبات جديدة و غريبة عليه مثل ظاهرة الارهاب والعنف والبلطجة والادمان والانحلال وقد تصل الي مرحلة عدم الانتماء للوطن الذي يضمنا جميعا تحت احضانه ونعيش فوق ترابه .

اهم هذه الاختلافات

  • من اهم هذه الاختلافات هو اختلاف ادراك وفهم ابناء هذا الجيل للمعني الحقيقي والقيمة الفعالة للقيم والمثل والاخلاق وابتعادهم عن السلوك السليم والقويم نظرا لغياب او احيانا انعدام القدوة والمثل الاعلي وتخلي الكبار عن دورهم الاجتماعي والتربوي في تعليم وتقويم الابناء .
  • كذا غياب المعني الحقيقي للقيم الاخلاقية السامية عن الابناء مثل الصدق والامانة والخير والحق والجمال .
  • ايضا التغير في بعض المفاهيم الاجتماعية لدي الابناء مثل معرفة قيمة العمل والابداع والابتكار وقد تبدلت هذه القيم ليحل محلها في الاغلب الانانية والفردية وحب الذات والانهزامية وعدم التروي والعنف احيانا .
  • كما تبدلت ايضا وتغيرت العلاقات الاجتماعية السوية بين افراد الاسرة الواحدة وكما نري ونشاهد  ظهور جرائم و سلوكيات لم تكن مألوفة في مجتمعنا من قبل
  • كما انتشر عقوق الوالدين وقطع صلة الارحام حتي انه لم تعد هناك صلات اجتماعية قوية تربط بين افراد الاسرة الواحدة  او بين الاسر بعضها بعضا .

ولا يمكن ان نلقي اللوم او المسئولية علي علي ابناء هذا الجيل وحدهم بل المسئولية الاولي والاساسية تقع علي كاهل الاباء الذين لم يدركوا قيمة الترابط بين الاجيال وساعدوا بابتعادهم وغربتهم علي زيادة الفجوة بينهم وبين ابنائهم يبقي لنا الاجابة علي السؤال المحير والاساسي لهذا الامر الجلل وهو كيف نعيد التواصل بين الاجيال المختلفة .

كيف نعيد التواصل بين الاجيال

أولا : علينا كأباء ان نعيد ترتيب اوراقنا  ونعيد تنظيم اوقاتنا كي نعطي الوقت والفرصة للتعايش مع الابناء والتعرف علي مشاكلهم ومناقشتهم ومحاورتهم للتعرف علي افكارهم واتجاهاتهم ومعلوماتهم وتطلعاتهم وكي نري ما بداخلهم مما لا يلوح علي السطح .
ثانيا : علينا ان نعطيهم من بعض تجارب حياتنا وحياة الآخرين وان نخلق جسرا من الصداقة والذي يتطلع اليه الكثير من الابناء .
ثالثا : علينا ان ندخل الي عالم أبنائنا الجديد بفكر وقلب مفتوح وان نتعرف علي اذواقهم ورغباتهم دون التسفيه او التهوين وان نحاول تحقيق الممكن منها في حدود الامكانيات المتاحة وفقا لقيم وقواعد وقوانين المجتمع الذي نعيش فيه .
رابعا :  علينا جميعا كأباء مراجعة انفسنا في افعالنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا حتي نكون القدوة الصالحة والحسنة امام الابناء حتي لا نكون ممن يقولون ما لا يفعلون فعلينا احترام تعهداتنا ووعودنا للأبناء وتوثيق العلاقات الاسرية باظهار روح الحب والتعاون والمشاركة والعمل الفعال داخل بناء الاسرة و كذلك احترام الوقت والتعامل مع الاخرين بنفس القيم التي نتحدث عنها .
خامسا : علينا ايضا اتباع اساليب التنشئة والتربية الصحيحة للأبناء مهتدين بتعاليم ديننا وقيمنا الراسخة والتي خلقت جيلا من العظماء الاوائل علي مر التاريخ واستشارة علماء التربية والاجتماع والاخذ بما يتناسب مع هذا العصر .
سادسا :  تعليم الابناء قيم المشاركة والايجابية والفاعلية وتأثير هذه القيم في سلوك الشخص داخل اسرته وداخل مجتمعه وغرس مبدأ أن هذا الجيل هو جزء من المجتمع وبصلاحه يصلح وينهض المجتمع كله .
واخيرا : علينا ان نكون اكثر فاعية وايجابية في فهمنا وادراكنا الحقيقي لافكار وكل مشاكل هذا الجيل وان نتعامل بنفس الايجابية والفعالية في ارشادهم وحل مشاكلهم لخلق تواصل حقيقي وصحي بين كافة الاجيال مع ضرورة فهم ان لكل جيل ثقافاته و معطياته