فضل العلم والعلماء وحقيقة الدنيا
فضل العلم والعلماء، العلم بحر زاخر لا يعرف غوره وساحل لا يقاس حده وما من باب من أبوابه إلا وأشبعه أهل العلم دراسة وبحثا وتحقيقا وتصنيفا فكثرت المصنفات وتعددت التحقيقات وتشعبت الأبحاث. وإن طالب الحق فيه كناشد الضالة لا يفرق بين أن تظهر ضالته على يده أو على يد غيره. لا بد من تعلم العلم والدين على يد علماء ثقة ومشهود لهم بالعلم.
نفع العلم
في الحقيقة نفع العلم يكون بدرايته لا بوراثته وبمعرفة أغواره لا بروايته وأصل الفساد الداخل على بعض العلماء هو التقليد لمن سبقهم دون بحث عما صنفوه وتسليم الأمر لهم فيما دوّنوه من غير طلب الدليل لما أثبتوه. أيضا فالاعتداء في الدعاء مثلاً من الإحداث الموروث دون دراية فقد كان الصحابة رضى الله عنهم لا يزيدون فيه على سبع يدعون فيها بالتوبة والرحمة والمغفرة. وكذلك الإطالة في القراءة والصلاة.
العلماء ومدّعون العلم
أيضا تعلّم العلم لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة. لذلك أفضل الناس المؤمن العالم إن احتيج إليه نفع وإن استغنى عنه أغنى نفسه. والناس موتى إلا العلماء والعلماء سكارى بعلمهم إلا العاملين به والعاملين مغرورين بعملهم إلا المخلصين والمخلصين على خوف ووجل من إخلاصهم حتى يختم الله لهم به. كما أن مدّعون العلم فإن فتنتهم عظيمة ومؤونتهم غليظة إن أقدم أحد على مكاشفتهم لدفع اعوجاجهم أوإرشادهم عن أخطاء آرائهم تعرض لملامهم ونفذت إليه سهامهم واتهموه بالشطط والهوى هؤلاء بالنسبة للعلم على تضاد وخلاف. وللبحث الموسوعة الشاملة لعلماء المسلمين.
فإذا بليت بجاهل متحكم * يجد الأمور من المحال صوابا
أوليته منى السكوت وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا
قال أبو الحسين محمد بن جبير:
عجبت للمرء في دنياه تطمعه * في العيش والأجل المحتوم يقطعه
يمسى ويصبح في عشواء يخبطها * أعمى البصيرة والآمال تخدعه
يغتر بالدهر مسروراً بصحبته * وقد تيقن أن الدهر يصرعه
ويجمع المال حرصا لا يفارقه * وقد درى أنه للغير يجمعه
تراه يشفق من تضييع درهمه * وليس يشفق من دين يضيعه
وأسوأ الناس تدبيرا لعاقبة * من أنفق العمر فيما ليس ينفعه
حقيقة الدنيا ونعيمها
أما الدنيا ليست لكل أهلها مسعدة ولاعن كل ذويها معرضة. كما أن الدنيا نعيمها يتنقل وأحوالها تتبدل لا تصفو لشارب ولا تبقى لصاحب ولا تخلو من فتنة أو محنة. أيضا الدنيا خيرها يسير وعيشها قصير، لذاتها تفنى وتبعاتها تبقى. الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار غنى لمن تزود منها وإنه لمن شرف الدنيا وفضلها أن المرء يستمد منها. أيضا يجب أن يتزود للآخرة فإن أطعت الله فيها سوف تأتك وهى راغمة. في نهاية المطاف يقول تبارك وتعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }، { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً }، { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً }.
تعليقات