الملاريا .. كنت العلاج في بعض الأوقات
هو كائن لطيف المعشر .. لا يمكنك أن تتصور أن هذا هو الشخص أو بالأحرى “الشئ” الذي يسبب للبشر كل هذا الشقاء.. وبالأخص يسبب الشقاء للقارة السوداء ..لدينا العديد والعديد من الأسئلة له خاصة وهو كان من أقوى مسببات الوفاة في عام 2015 ،حوارنا اليوم مع “فيروس” ولكنة ليس كأي فيروس فهو فريد من نوعة ولة العديد من الأشقاء الذين يطوفون في كل حدب وصوب لكي ينتشروا حسب “غريزة البقاء” ..
في البداية نرحب بك .. حدثنا قليلا عن ظروف مولدك
- في الحقيقة التي قد تكون صادمة للبعض أنا لا أذكر ظروف مولدي بالظبط.. أول شئ خطر لي عند تفكيري في بدايتي انني كنت في طائرة متحركة ثم ثبتت على مكان ما، فجأة أنتقلنا إلى مكان أكثر دفئا بة ذلك السائل الجميل الرائق .
- معذرة هل يمكنك التوضيح ؟
لا أتذكر سوى إنني كنت في جسم “بعوضة” ظننت ذلك واضحاً .. ثم كأي فيروس يلتزم بأصول المهنة انتقلت الى جسم الإنسان بعد تلك اللدغة التي لدغتها البعوضة له وبالنسبة لي كانت الحرية . - حسنا وماذا عن حياتك ك”طفيل” ؟
اولا أنا ارفض تلك التسمية الساذجة .. فأنا لست بسيطاً تافهاً مثل فيروس “الأميبا” ولست مثل “البلهارسيا” .. عندما تريد أن تصنفني ضعني في جملة مفيدة مع من يستحق ،مثل السارس و الكورونا .. فأنا مصنف كأكثر فيروس معدي في العالم لذلك انا ارفض تلك التسمية قلبا وقالبا هي لا تليق بي أما عن سؤالك ما المشاكل التي تواجهني ،فهي مشاكل أي فيروس مثلي .. الطب! - ماهي الفترة المحببة لك ك”فيروس” ؟
أنا لست شريرا بالفطرة اذا كنت تظن هذا .. في الواقع انا كنت العلاج في فترة من التاريخ! انا كنت علاج مرض “زهرى الجهاز العصبي” وكان العلماء يلجأون لي لعلاج الجنون، أعطي مجنونا الملاريا يصبح عاقل! .. فمن الواضح ان لي باعاً في الأمراض العصبية .
ولكن الفترة المحببة لي هو عندما تظل بعض خلاياي نائمة داخل الكبد .. فيُشفى المريض ويتعافى ثم أظهر أنا مجددا .. فليس التخلص مني سهلا اذا كنت لاحظت ذلك . - هل لي ان اعرف كيف من الصعب التخلص منك ؟ الطب يتقدم كما تعلم
سأحكي لك أفضل خدعي على الإطلاق .. ولكن لا لن أطلعك على السر وإلا لن يمكنني العيش بعد ذلك.. في خلال سباحتي في خلايا البلازمة.. من ثم تتحسسني خلايا المناعة ،وفورا تقوم بصناعة قالب معد خصيصا على شكلي للفتك بي ،جسم مضاد يأتي لكي يدمرني
هنا أمارس الخدعة التي لطالما أضحكتني وأشعرتني بالزهو ،آخذ قطعة من بروتينات الدم وأغطي بها نفسي .. بأختصار كأنني في بيتك ولكي لايعلم أحد إنني غريب أتخفى في قماش ستائرك! .. فيتشممني ذلك الجسم المناعي ثم يذهب لأنني في نظرة لست خطر. مبهرة أليس كذلك ؟ .. قليلٌ مِن مَن هم مثلي يقدرون على فعل ذلك . - في رأيك لماذا سُميت بالملاريا ؟ خاصة وان معناها باللاتينية القديمة “الهواء الفاسد”
لأنني ظللت لغزا ، كان الناس يعتقدون أنني انتقل بالهواء الفاسد! ..وتعددت تسمياتي فمثلاً هناك من يطلقوا عليَّ لقب حمى المستنقعات .. في العربية يفضلون تسميتي بداء “البرداء” ولكن كما نعلم فإن الشائع هو الملاريا . - في أي وقت في حياتك شعرت بالتهديد من قبل البشر ؟
انت تذكرني بذكريات أليمة.. اول من عرف السر هو عالم بريطاني يدعى “روس” وعالم إيطالي يدعى “جراسي” الأول كان مولعا بالبعوض والحشرات وكرس حياتة في الهند بطرق غير علمية لكي يكتشف انني انتقل عن طريق البعوض ونال جائزة نوبل على ذلك ..حتى ذلك الوقت كان الخطر يشير لي من على الجانب الاخر .. من ثم ظهر “جراسي” الذي بدأ حماسة عندما وصل “كوخ” الألماني العظيم إلى إيطاليا ليكتشف سر الملاريا .
كنت في ذلك الوقت أسيطر على إيطاليا بالكامل .. وكرس “جراسي” كل وقتة في دراسة البعوض لكي يعلم أيهم التي أنتقل من خلالها حتى وصل إلى حشرة معينة تسمى “الزانزاروني” وبدأ في تنفيذ خطتة للفتك بها.. وهي خطة “كانت” تصلح على كل حال ولكن أخبرني كيف يمكن ان تقضي على كل بعوض العالم ؟ - في النهاية ماذا تريد أن توجة للقراء للدفاع عن نفسك ؟
اريد أن أخبركم إنني لست شريرا كما تظنون فقط لا أعرف لنفسي طريقة حياة غير ذلك .. لابد لي من تدميركم كي أعيش والعكس ..لا أعرف لي غير طرق المقاومة لتلك العقاقير التي يظهر بها الطب كل فترة ولكن في النهاية لن نصل الى حل يرضي جميع الأطراف .. إما الفتك إما فلا .. لذلك أوصيكم أن تتذكروا إنني كنت العلاج يوما .
شارك
تعليقات