لماذا تخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة ؟ وما هي نتائجه ؟ سؤال مهم

علي مدار السنوات السابقة لاحظنا أن البنوك المركزية في اغلب دول العالم تتجه نحو خفض أسعار الفائدة , بل ويوجد سباق مجنون بين هذه البنوك للمزيد والمزيد من خفض سعر الفائدة حتي وصلت  إلى صفر و سالب في بعض الدول بمعني انه بدلا من أن يدفع البنك فائدة علي إيداع العميل للنقود واحتفاظه بها داخله يحدث العكس ويدفع العميل فائدة للبنك من اجل الاحتفاظ بالنقود داخله وأمثلة علي ذلك البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في الدانمارك واليابان وسويسرا وغيرهم ومن المتوقع انه في عام 2020 سوف تتجه البنوك المركزية علي مستوي العالم نحو المزيد من خفض سعر الفائدة خاصة بعد إعلان البنك المركزي الأمريكي اتجاهه نحو خفض سعر الفائدة علي الدولار الذي ترتبط به معظم اقتصاديات العالم والسؤال هنا لماذا هذا الاتجاه العالمي نحو خفض أسعار الفائدة ؟

أسباب اتجاه البنوك المركزية نحو خفض أسعار الفائدة

السبب الرئيسي هو الركود , كل الدول خائفة من الركود وتباطؤ النمو الاقتصادي فيها لان الركود يؤدي إلى أثار اقتصادية مؤلمة مثل ارتفاع معدلات البطالة وقلة فرص العمل بالإضافة إلى إفلاس بعض الشركات و البنوك وإغلاق المصانع وتسريح العمالة أو علي الأقل تخفيض رواتبهم وأيضا تراجع مستويات التعليم والصحة وغيرها من الأثار الاقتصادية التي تنتج بسبب الركود , وخوف الدول من الركود الاقتصادي لم يأتي من فراغ بل بناء علي معطيات ففي العام الماضي تعرض العالم لهزات اقتصادية عنيفة بسبب تناطح القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم أمريكا والصين وهذا العام يعاني العالم من بدايته من فيروس كورونا وانتشاره والذي تسبب في خسائر بالمليارات وتوقف معظم المصانع في الصين التي تعتمد عليها معظم دول العالم في إنتاج السلع الوسيطة تدخل في إنتاج معظم السلع تقريبا من الإبرة للصاروخ , إذن مهي هي علاقة انخفاض أسعار الفائدة بالركود ؟

نظريا عندما تنخفض أسعار الفائدة يحدث تحفيز للنشاط الافتصادي ويحدث انخفاض كبير للفائدة علي القروض مما يشجع المستثمرين وأصحاب المشروعات علي أخذ قروض وتشغيلها وبالتالي البحث عن العمال والموظفين وتشغيلهم وبالتالي تدور عجلة الإنتاج من جديد . أيضا انخفاض سعر الفائدة يؤدي بعميل البنك إلى البدء في التفكير في استثمار أمواله بالبورصة أو بالمشروعات أو غيرها لان وجود أمواله بالبنك لن يعود عليه بالربح نظرا لانخفاض أسعار الفائدة مما يؤدي إلى زيادة تمويل المشروعات والمصانع وبالتالي تدور عجلة الإنتاج ويبدأ الاقتصاد في النمو من جديد ويختفي الركود وأثاره .

ولكن المشكلة أن الأمور دائما لا تسير بكل هذه البساطة والسلاسة فمن الممكن أن انخفاض أسعار الفائدة له تأثير كارثي علي الاقتصاد العالمي , لأنه معني انخفاض سعر الفائدة هو هبوط أسعار النقود في البنوك وهبوط الفائدة علي القروض مما يؤدي إلى زيادة حجم القروض وزيادة مستويات الديون .

الحقيقة أن هناك تلال من الديون العالمية حيث أعلنت قاعدة بيانات الديون العالمية التابعة لصندوق النقد الدولي أن الديون العالمية العامة والخاصة بلغت 188 تريليون دولار بنهاية عام 2018 فما بالك بحجم هذه الديون الآن خاصة بعد اتجاه الدول لخفض أسعار الفائدة ومن المعروف انه إذا حدث تعثر قد يؤدي ذلك إلى انهيار النظام المصرفي كله , كيف يحدث ذلك ؟

يحدث ذلك لان البنوك أقرضت الأموال للأفراد أو الشركات وفي نفس الوقت قلت الإيرادات نظرا لقلة وجود عملاء جدد يودعون أموالهم بسبب انخفاض أسعار الفائدة كما شرحنا وبالتالي يحدث تعثر في النظام المصرفي للعالم مثلما حدث في الأزمة الاقتصادية عام 2008 .

الخلاصة هي أن السباق العالمي بين البنوك المركزية هو سباق محفوف بالمخاطر قد يؤدي إلى نتائج عكسية تماما والحقيقة أن البنوك المركزية ليس لديها للأسف سلاح آخرتستطيع الاعتماد عليه حتى تعيد النشاط الاقتصادي إلى النمو من جديد غير خفض أسعار الفائدة.