مقتطفات دينية : الإخلاص شرطا من شروط قبول الأعمال … و وسيلة للنجاة والخلاص من النار
نري في حياتنا اليومية الكثير من الناس، الذين يصلون كل الصلوات في جماعة، ويصومون الفرض والسنة، ويزكون ويحجون ويعطون الصدقات، ويفعلون كل الأعمال الصالحة، وتهب أنفسنا لكي تحسدهم علي ما هم فيه من تقرب إلي الله، وعلي جميع حسناتهم، ولكن هل سألت نفسك يوما، هل الأعمال التي يقومون بها مقبولة؟ أم مردودة عليهم؟ ولماذا تقبل أعمالهم؟ ولما ترد؟
تعال لأبين لك أن الله سبحانه وتعالي لم يجعل الأمر بدون نظام أو أسباب، فهناك أسباب لقبول عملك من الله، وأسباب لكي يرفض الله عملك ويرده عليك.
تعال لأبين لك سبب مهم للغاية من أسباب قبول الأعمال عند الله عز وجل.
-
الإخلاص
عرف العلماء الإخلاص علي أنه: تجريد قصد التقرب إلي الله عز وجل عن جميع الشوائب.
أو : هو إفراد الله بالقصد في الطاعات .
أو : نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلي الخالق .
-
أدلة من القرآن والسنة علي وجوب الإخلاص لقبول الأعمال
الأدلة من القرآن الكريم كثيرة علي وجوب الإخلاص لقبول الأعمال عند الله تعالي
قال تعالي : ” وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء”
: ” ألا لله الدين الخالص”
: ” فمن يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا”
أما بالنسبة للأدلة من السنة، فقد روي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أنه جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم،فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا شيء له “، فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا شيء له “، ثم قال ” إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه ” .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أيضا : ” ثلاث لا يغل عليهم قلب مسلم : إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم ”
ومعني الحديث : أن من يتمسك بهذه الصفات الثلاث، يصلح قلبه ويتطهر من الفساد والسيئات .
-
الإخلاص نجاة
قال أحد الصالحين لنفسه : أخلصي تتخلصي.
وقيل للإمام سهل : أي شيء أشد علي النفس؟ قال الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب.
نفس الإنسان تحب الظهور وتحب المدح، لذلك إلزامها بالطاعة والإخلاص فقط لوجه الله عز وجل صعب للغاية.
قال أيوب : تخليص النيات علي العمل أشد عليهم من جميع الأعمال .
وقال بعض الصالحين : إخلاص ساعة نجاة الأبد ولكن الإخلاص عزيز.
لذا من يغلب علي قلبه حب الله يتحول كل عمله إخلاصا، ومن يغلب علي قلبه حب الدنيا، فلا يكون فيها إخلاصا، لا يقبل من أعماله الصالحة شيء.
-
الغافلون عن الإخلاص
هؤلاء هم من يظنون أنهم مخلصين لله عز وجل وهم غير ذلك نهائيا، وهؤلاء قال عنهم الله أنهم يرون حسناتهم سيئات يوم القيامة.
قال تعالي : ” وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون . وبدا لهم سيئات ما كسبوا ”
:” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ”
وقليل من يفوق من غفلته، فروي أن أحد الناس كان يصلي دائما في الصف الأول، فتأخر ذات يوم وصلي في الصف الثاني، فخجل من الناس لما رأوه في الصف الثاني، فعلم أنه مسرته وراحة قلبه في الصلاة في الصف الأول كانت بسبب نظر الناس إليه، وليس بسبب الصلاة في حد ذاتها.
-
الخلاصة
لذا قيل في ” الإحياء ” : ظهر بالأدلة والعيان، أنه لا وصول إلي السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو والنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالي في كل عمل كان يراد به غير الله مشوبا مغمورا : ” وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا ” .
إذا فالإخلاص شرط أساسي من شروط قبول الأعمال، ولا تقبل الأعمال إلا إذا كانت خالصة لله عز وجل، ولكن ليس الإخلاص وحده كفيلا لقبول عملك، فهناك أمر أخر وشرط أساسي لقبول عملك، في المقال القادم سنتكم عنه…يتبع فاللهم أرزقنا الإخلاص، وأجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك يا كريم. فالحمد لله علي ما قدمت إليكم. فهذا من توفيق ربي وكرمه، فإن أحسنت وأصبت فمن الله، وإن كان هناك خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان.
تعليقات