الذكاء الاصطناعي:عراف القرن الحادي والعشرين (1)
نشر منجم وعراف فرنسي يدعى نوستراداموس كتاب بعنوان “النبوءات” في القرن السادس عشر. يحتوي الكتاب على نبوءات وتوقعات غامضة وأدعى أنها مبنية على رسوم بيانية فلكية ورؤى عليا. توقع الكثير من الحروب والأوبئة حتى أنه توقع نهاية العالم ولكنه لم يعط أي تواريخ محددة لنبوءاته هذه، وبرغم من مرور أكثر من أربعمئة عام على آخر توقع له، لم ينتهي العالم بعد.
دعونا نترك هذه الادعاءات جانباً ونتعرف على عراف القرن الحادي والعشرون الحقيقي. لقد اعتمدنا سابقاً على الغموض ولكن اليوم نعتمد على الخوارزميات التي تكون توقعاتها دقيقة في معظم الأحيان.
من أهم المجالات التي يتم استخدام التوقعات وتحليل البيانات بها هو مجال التأمين، ما لا تقوله لك شركة التأمين الخاصة بك أنها تقوم بتحليل بياناتك لتعرف إن كنت ستعيش مدة طويلة أم لا وبناءً على هذا التحليل يقررون منحك بوليصة التأمين أم عدمه، وجودك على قيد الحياة مهم جداً بالنسبة لهم ، خسارتك لحياتك تعني خسارتهم مبلغ كبير من المال أيضاً. الغريب أن توقعاتهم تكون صحيحة في معظم الأحيان، وبالتأكيد لا يخلو الأمر من المفاجآت القدرية ولكن إذا لم تتعرض إلى حادث غريب أو ما شابه ، فحساباتهم ستعود عليهم بالربح غالباً.
من الأشياء الغريبة الأخرى التي توقعها حساب الخوارزميات وأثبتت صحتها ، هي أن الأشخاص الذين يحملون أسماء غير شائعة أو أسماء تنتمي إلى الجنس الآخر، كالفتيات الذين يحملون أسم رضا أو الفتيان الذين يحملون أسم سناء، لديهم احتمالية أن يكونوا ديمقراطيين أكثر من أن يكونوا جمهوريين، كما أثبتت أيضاً أن الموظفين أصحاب السجلات الإجرامية يكونون غالباً أكثر إنتاجية من غيرهم، غريب أليس كذلك؟
هناك شيء أغرب، في عام 2016 اخترعت شركة جوجل ذكاء اصطناعيا هزم أفضل لاعب في لعبة تدعى “غو”. وهي لعبة معقدة بشكل كبير، إذا تم مقارنتها بالشطرنج الذي يحتوي الدور الواحد فيه حوالي ثلاثون احتمالا بينما الدور الواحد في لعبة غو يحتوي على مئتان وخمسون احتمالا. وهذا يجعل الاختيارات الحركية صعبة كانت عائقاً شبه مستحيل أمام الذكاء الاصطناعي فيما مضى ولكن كيف استطاعت جوجل فعلها؟
قامت جوجل بتطوير نوع جديد من الذكاء الاصطناعي يدعي ” الشبكة العصبية عميقة التعلم” وهذا يجعل لدى الحاسوب شبكة عصبية تشبه تلك التي يمتلكها دماغ الأنسان. غذت جوجل الحاسوب بملايين الحركات المحتملة للعبة غو ثم جعلته يلعب ضد نفسه العديد والعديد من المرات حتى بدأ الحاسوب بالتعلم وتطوير نفسه وكون شيء يشبه…الحدس
كان ما فعلته جوجل قفزه كبيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن هل يغير الذكاء الاصطناعي الخارق هذا العالم؟ وإذا غيره، هل سيغيره نحو الأفضل؟
هذا ما سنعرفه لاحقاً…
تعليقات