الساعات الذكية.. أداة واعدة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين
يشهد عالم التكنولوجيا تطورات متسارعة تسعى إلى تحسين مختلف جوانب الحياة، ومن بين هذه التطورات، برز دور الساعات الذكية كأداة واعدة لمساعدة الأفراد على التغلب على إدمان النيكوتين والإقلاع عن التدخين، فقد كشفت دراسة حديثة أجريت في جامعة بريستول البريطانية ونشرت في صحيفة “الغارديان” عن إمكانية الاستفادة من الساعات الذكية في مساعدة المدخنين على الإقلاع عن هذه العادة الضارة، وقد تم تطوير تطبيق مبتكر يعمل على هذه الساعات، يستخدم تقنيات استشعار الحركة لتحديد اللحظات التي يحاول فيها المستخدم إشعال سيجارة، وعند اكتشاف هذه الحركة، يصدر التطبيق تنبيهات مصحوبة برسائل تشجيعية وداعمة، تهدف إلى تحفيز المستخدم على التغلب على الرغبة الشديدة في التدخين.
ويعتمد التطبيق على مبدأ بسيط ولكنه فعال، حيث يقوم بتتبع حركات اليد التي ترتبط عادةً بعملية إشعال السيجارة. وعندما يتم اكتشاف هذه الحركات، يرسل التطبيق إشعارات فورية تتضمن رسائل إيجابية وتذكير بفوائد الإقلاع عن التدخين، كما يمكن للتطبيق أن يعرض إحصائيات حول عدد السجائر التي تم تدخينها، مما يساعد المستخدم على تتبع تقدمه وتحديد الأوقات التي يحتاج فيها إلى دعم إضافي.
وفقًا للباحثين من جامعة بريستول البريطانية، يعد هذا التطبيق أول تدخل مستقل تمامًا على ساعة ذكية دون الحاجة إلى هاتف ذكي. وأوضح كريس ستون، الباحث في مجموعة أبحاث التبغ والكحول بجامعة بريستول، أن التطبيق يستهدف لحظات الضعف التي تؤدي إلى الانتكاس في محاولات الإقلاع عن التدخين. وأضاف: «يحب الناس الساعات الذكية. إذا تمكنا من تحديد نقاط الضعف وتقديم الدعم في اللحظة المناسبة، يمكننا تحسين فرص النجاح في الإقلاع عن التدخين».
وقد أظهرت النتائج الأولية للدراسة أن هذا التطبيق يحظى بقبول جيد لدى المشاركين، حيث أشارت الغالبية العظمى منهم إلى أنهم وجدوا الرسائل التي يتلقونها مفيدة ومشجعة، حيث أفاد المشاركون بأن التطبيق زاد من وعيهم بالتدخين، وجعلهم يشعرون بالإيجابية تجاه فكرة الإقلاع، وساهم في تقليل عدد السجائر المستهلكة. ومع ذلك، تضمنت الملاحظات السلبية تكرار الرسائل، بطء عرض بعضها، وعدم التنوع في المحتوى.
وعلى الرغم من النتائج المشجعة، إلا أن الباحثين يشددون على الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لتقييم فعالية هذا التطبيق على المدى الطويل. كما يشيرون إلى ضرورة تطوير محتوى الرسائل وتنويعه لضمان استمرار تحفيز المستخدمين.
وأوضح الباحثون أن الخطوة التالية هي إجراء دراسة طويلة الأمد تشمل مجموعة أوسع من الرسائل لتقييم فاعلية التطبيق بشكل أفضل. وأكدت أليزي فروغيل، مديرة سياسة الوقاية في Cancer Research UK، على أهمية هذه الدراسة قائلة: «تُظهر هذه الدراسة أن الساعات الذكية قد تكون أداة فعالة لمساعدة الناس على الإقلاع عن التدخين، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم مدى فاعليتها بشكل كامل».
إلا أن هذا التطبيق يمثل خطوة مهمة في مجال مكافحة التدخين، حيث يفتح الباب أمام استخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء لدعم التغييرات الإيجابية في سلوكيات الأفراد. إذا أثبتت الدراسات المستقبلية فعالية هذا التطبيق، فقد يصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الإقلاع عن التدخين، مما يساهم في تحسين الصحة العامة على نطاق واسع.
تعليقات