نقار الخشب وسر قوة الطائر الذي يحمي نفسه من الصدمات القوية أثناء تأديته أشغاله التي لابد له أن يؤديها بانتظام، وبإصرار عجيب يدق بمنقاره بقوة في الأشجار وبسرعة قد يصل معدلها إلى 7 متر في الثانية الواحدة، والتي لا تؤثر على دماغه الذي يبلغ حجمه
ثمرة عنب، وأما عن الزمن المستغرق بين كل نقرة وأخرى فهو أقل من 1/1000 من الثانية، ولعل ذلك يشبه ضرب إنسان رأسه في الحائط بسرعة 25 كيلو متر في الساعة، لكن الأعجب من ذلك هو أن هذا الطائر يفعل ذلك ما يقرب من 20 مرة في الثانية الواحدة في بعض الأحيان، وهو ما يعادل 12 ألف نقرة يوميا.
لماذا لا يعاني نقار الخشب من الصداع وما سر قوته؟
هناك العديد من الدراسات في هذا الشأن، حيث لفت ذلك أنظار العديد من الباحثين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. والصين وهونغ كونغ، ولقد نشرت بالفعل دراسة في مجلة “بلوس ون”. الأمريكية في عددها الإلكتروني مؤخرا بحسب موقع (DW)، ورصد الفريق البحثي بقيادة “يوبو فان” من جامعة بيهانغ في بكين نقر الطائر “نقار الخشب” عن طريق كاميرات حساسة. وسجلوا قوة النقر بحساسات دقيقة. واستطاعوا في النهاية اكتشاف سر قوة هذا الطائر.
واستعان الباحثون بتسجيل سرعة نقر الهدهد الأوراسي في الأرض بحثا عن الديدان، وذلك لمعرفة مدى سرعة نقر هذا الطائر في الخشب. ثم استخدموا البيانات التي حصلوا عليها من مراقبة الهدهد لعمل نماذج تمكنهم من قراءة تفاصيل أكثر في عملية النقر.
ومن خلال النماذج، توصل الفريق البحثي إلى أن نقار الخشب يعتمد على مناطق إسفنجية مسامية تنتشر في عظام الجمجمة. لكن الأكثر عجبا. والذي يدعونا إلى قول “سبحان الله” دائما. هو أن تلك العظام الإسفنجية موجودة بشكل أكثر في منطقة الجبهة والقفا.
ويتغذى نقار الخشب على اليرقات والحشرات المدفونة في جذوع الأشجار، وذلك كله عن طريق نقراته، فهي أداته لرزقه ورزق صغاره.
الخوذة الذكية
كما اكتشف الباحثون سببا آخر يساعد في امتصاص الضربات التي تنتج عن النقر بتلك السرعة. وهو أن الأنسجة الخارجية للجزء الأعلى من المنقار أطول عن الجزء الأسفل منه بحوالي 1.6 من الملليمتر. وهذا ينتج عنه عدم اجتماع الجزأين معا في نقرة واحدة، لكن يحدث الاجتماع بين الجزأين بفارق ضئيل جداً، ويؤدي ذلك إلى توزيع الصدمة الناتجة عن النقرة كما يخفض من قوتها. وكذلك وجد العلماء أن البنية العظمية للمنقار العلوي أقصر بحوالي 1.2 ملليمتر عن المنقار السفلي. والذي ترتب عليه في النهاية التوصل إلى أن شكل المنقار يؤثر على إجهاد الدماغ، وتبين أن معظم قوة النقر كانت محملة على المنقار الأطول أثناء النقر.
وتبين أيضا من خلال المعلومات التي توصل إليها فريق البحث أن مؤخرة اللسان الغير تقليدية لدى نقار الخشب طويلة. وكأنها حزام أمان للرأس. بالإضافة إلى أن عظام اللسان ذاتها تمتد من الفك وتتوزع بين العينين، وتدور خلف الجمجمة، ثم تصل إلى الفك السفلي مرة ثانية إلى الأمام وحتى المنقار.
وبالرغم من عدم التوصل حول ما إذا كان نقار الخشب يعاني من الصداع أم لا. لكن تم الوصول إلى معلومات قد تساعد مستقبلا في تطوير خوذات واقية للرأس لدى الإنسان. حيث أن الخوذة الذكية سيتم الاعتماد في تصميمها على شكل جمجمة نقار الخشب وسر القوة والبنية التشريحية التي ظهرت عليه من خلال تلك الدراسة الهامة.
تعليقات