سيارات كهربائية في مصر . فهل تنجح ؟
إن نجاح أي سلعة في سوق معين هو شئ معقد , يرجع ذلك لعدة اسباب أهمها ثقافة السوق و نوع السلعة ” ترفيهية , إستهلاكية , خدمية , ….. ” و كذلك جودتها و إعلاناتها و خدمات ما بعد البيع ” خاصة للسلع المعمرة ” و حالة الاقتصاد العام لهذا السوق و عدة عوامل اخري .
لذلك سنناقش وجود ” السيارات الكهربائية ” كسلعة في السوق المصري من حيث عدة إعتبارات او نواحي و نتطرق لبعض المعلومات عن السيارات الكهربائية .
** ما هي السيارة الكهربائية ” Electric vehicle ” ؟
هي سيارة أو مركبة تعمل بمحرك كهربائي بدلا من محرك الاحتراق الداخلي و ذلك لعدة مزايا أو أغراض . أولا : الحد من التلوث في المدن نتيجة لغازات العادم . ثانيا : الوفر المادي . نعم فالتوفير هو احد أسباب انتشار هذه السيارات . ثالثا : نواحي فنية ونذكر منها علي سبيل المثال:
- المحرك الكهربي لا يصدر عنه حرارة و ذلك يحافظ علي معدن الشاسية و قطع الغيار البلاستيكية و الكاوتش لمدة اكبر مع الاستعمال .
- توفير لقطع غيار ومكونات كثيرة و تبسيط نموذجي لمنظومة المحرك و نقل الحركة خاصة
- أدق و أسرع في الاستجابة من محرك البنزين فيستطيع أن ينتج العزم و السرعة بشكل أسرع و هدوء أكثر .
- حجم كبير للتخزين و مساحة أكبر لتوزيع الصالون
- توزيع الوزن أفضل بكثير مما يعطي ثبات و استقرار عند المناورة ويزيد من عامل الأمان .
كل ما سبق هو تعريف مبسط بالسيارة الكهربائية ومميزاتها لكن هناك أشياء أخري يجب أن تعلموها عن السيارات الكهربائية بعض هذه الأشياء من الممكن أن تؤثر علي نجاحها في أسواق معينة أو حتي تحديد شريحة مستخدميها في نفس السوق .
عوامل بيئية :
فعلا هي الخطوة الأولي لتنظيف أو إزالة تأثيرات التلوث الناتج عن عوادم المركبات لإذابة التلوث المباشر من المدن و ثانيا هي أولي الخطوات في الحل الأشمل و هو اللجوء كليا لاستبدال مصادر الطاقة الملوثة بمصادر أخري نظيفة . بمعني أن أول خطوة هي إتاحة مركبات تسير بالكهرباء فلا ينتج عنها تلوث مكاني مباشر و ثاني خطوة هو إنتاج الكهرباء بطريقة نظيفة غير ضارة للبيئة . و بالتالي شراء هذه السيارات الكهربية هو تحفيز و تشجيع منك كمستهلك علي دعم منظومة الحفاظ علي البيئة .
ثقافة السوق المصري :
سوق السيارات المصري في معظمة أو الشريحة الأكبر منة لا تعتبر السيارات سلعة استهلاكية فالسيارة في مصر إما سلعة معمرة أو سلعة استثمارية لدي البعض خاصة سوق المستعمل . السوق المصرية عادة نتيجة للسيارات ذات ثمن إعادة البيع المرتفع و في الغالب الشاري أو المستخدم الأول ” للسيارات الزيرو ” لا ينوي أصلا الإبقاء علي السيارة فترة طويلة ” 15 سنة مثلا ” ولا يوجد شيء في السوق المصري اسمه تفكيك و تحطيم ” تكهين ” سوي لسيارات الحوادث وفي حالة أنها لم تعد تصلح للإصلاح فهو عكس السوق الأمريكي و الأوروبي تماما فمثلا متوسط عمر السيارات في أمريكا يتراوح بين 11 إلي 17 سنة بعدها يكون اغلب هذه السيارات مركون في ساحات التفكيك كقطع غيار أو يتم تحطيمه بغرض إعادة التصنيع كخردة. هذه الثقافة هي ما يعيق فكرة المخاطرة بشراء سيارة أغلي عن مثيلتها ” ذات محرك ألاحتراق “ب 200 ألف جنية مثلا نظير بعض المميزات البيئية وهو مثال صحيح فالسيارة كيا سول كهرباء مثلا أغلي من السيارة كيا سول بمحرك البنزين ب 200 ألف جنية مصري .
البطاريات :
البطاريات في المركبات الكهربائية هي مخزن للطاقة الكلية أي انها في النهاية مخزن لحركة السيارة . فهي بمعني الكلمة ” روح السيارة ” إذا امتلأت دبت الحياة في السيارة و إذا نفذت فارقتها الحياة . و هناك عدة حقائق يجب أن تعرفها عن بطاريات المركبات الكهربائية .
- عند الإعلان عن سيارة و تحديد عدد الكيلومترات في الشحنة الواحدة من قبل المعلن ” المصنع ” فهو في الغالب ليس بكاذب و لكن هذه القيمة متغيرة . فهي تتغير بالسلب كلما كانت حمولتك أكبر و طريقك أبطأ أو يحتوي علي مطبات أو كباري و إشارات مرور و خلافة .
- بطارية السيارة تستهلك : تطورت البطاريات حتى الآن بشكل كبير مما أتاح لشركات السيارات تصنيع بطاريات قادرة علي تغذية سيارات تضاهي سيارات الاحتراق الداخلي في الحجم و الإمكانيات وحتي الأحمال. وذلك لزيادة سعة التخزين بالنسبة للوزن ” خاصة بالمقارنة ببطاريات الرصاص ” , وكذلك عمر البطاريات وصل لمستوي مقبول نسبيا خاصة للأسواق المستهلكة ” علي عكس السوق المصري ” . في الغالب البطاريات المستخدمة من نوع الليثوم بوليمر “LI PO ” كالمستعملة في أحدث الهواتف. هذه البطارية ستقل سعتها ” قدرتها علي التخزين ” مع الزمن وكثرة الاستعمال . لكن في الغالب شركات السيارات تضع ذلك في الضمان. فمثلا السيارة هيونداي أيونيك ” Ioniq” في خارج مصر لها ضمان 8 سنوات و 70% من سعة البطارية. أي أنها تضمن أن في خلال 8 سنوات ستظل سعة البطارية في حدود ال 70% و إذا قلت سعتها عن ذلك في فترة الضمان فلك الحق في إصلاحها طبقا لشروط الضمان . لا اعلم شروط الضمان في مصر لهذه السيارات ومن المؤكد اختلافها من نوع لأخر و بلد و أخر. أهم العوامل التي تحدد مستوي هذا الانخفاض هي 1- درجة الحرارة و للعلم هناك موديلات للسيارات تبرد البطارية بالسوائل مثل التسلا إس و أخري بطاريتها بتبريد الهواء الناتج عن سير المركبة مثل الهيونداي أيونيك و طبعا تبريد الماء أفضل و اغلي.2- طبيعة الاستخدام و عدد مرات الشحن و التفريغ و هو العامل المعبر عن الاستهلاك للبطارية و ليس العمر بالسنة ” فعليا يحسب العمر بعدد الشحنات “. 3- الشحن البطيء ” المنزلي ” فالأفضل عادة هو الشحن السريع و ليس البطيء . 4- عوامل أخري اغلبها يرجع لنوع وطريقة تصنيع البطارية . و نتيجة لهذه العوامل كلها فما هو مستوي سعة البطارية بعد ” 12 : 16 ” سنة من الاستهلاك في ظروف البيئة المصرية؟
- بطارية السيارة مرتفعة التكلفة و لذلك يجب الإفصاح عن ثمنها الحالي لأنه عنصر مهم في تحديد مخاطر شراء السيارات الكهربية . وهناك طبعا ظروف خاصة فمن الممكن أن تتلف البطارية نتيجة سوء استعمال لمنظومة الشحن او الحوادث و غيرها . فما هي تكلفة تركيب بطارية جديدة ؟
** التوفير :
التوفير هو أحد العوامل الجاذبة لانتشار السيارة في الأسواق الخارجية فهل الظروف و الأوضاع الحالية في مصر تسمح بذلك ؟ إذا أردنا ان نحسب الوفر الحقيقي فعليا خاصة في سوق مثل مصر فيجب أن ننظر للوفر علي المدي البعيد و ليس القريب . سنوضح ذلك بضرب مثال بسيارة كهربائية و اخري بنزين ” ظروف و أسعار الوقود و الكهرباء أثناء حساب هذا المثال قابلة للتغيير مع الزمن ” .
مثال : لنفرض الآن شراء سيارتين أحدهما كيا سول محرك بنزين احتراق داخلي” سيارة 1 ” و سيارة أخري كيا سول كهربائية ” سيارة 2 ” و ننظر لسعرهم و أستخدامهم من وقود و صيانة علي مدي 10 سنوات و ننظر لثمن إعادة البيع عندها و هو شيئ غير معلوم كما أن أسعار كل من البنزين و الكهرباء ستتغير خلال ال 10 سنوات لكن لنجعله مثال توضيحي فقط و إذا كانت لك وجه نظر أخري في كيفية الحساب فلتصنع المثال الخاص بك .
سيارة 1 :
- سعر السيارة الآن أعلي فئة 440000 جنية .
- تسير في العام 20000 كم و معدل استهلاكها 12 كم/لتر البنزين . سعر البنزين 5 جنية للتر ” بنزين 92 وليس 95 ” .
- إذن استهلاكها من البنزين سنويا 8500 جنية مصري.في 10 سنوات تستهلك ب 85000 جنية .
- مصاريف صيانة و غيار زيت 5000 جنية سنويا .إذن في 10 سنوات تستهلك 50000 صيانة .
- إجمالي الثمن و المصاريف = 440 + 85 + 50 = 575 ألف جنية .
- السيارة مستهلكة 10 سنوات ” 200000 كم ” و سأترك لك تخيل حالتها كمحرك من حيث الاحتياج لعمرة مثلا و الحالة العامة و كذلك قيمتها السوقية .
سيارة 2 :
- سعر السيارة الآن أعلي فئة 785000 جنية .
- الشحنة 27 كيلو وات ساعة تسيرها 170 كيلو متر متوسط ” 193 : 148 كيلو متر حسب الكتالوج “.
- تسير في العام 20000 كم . 118 شحنة سنويا أي ما يعادل 10 شحنات شهريا ” 270 كيلو وات ساعة “
- سعر الكهرباء 1.25 جنية للكيلو وات ساعة شريحة سادسة “والتي تبدأ من 651 كيلو وات ساعة منهم 270 بسبب السيارة “
- إذن استهلاك الكهرباء السنوي 4000 جنية ” ملحوظة أسعار الكهرباء مرشحة للزيادة في مصر ” إذن في 10 سنوات 40000 جنية .
- مصاريف صيانة سنوية ” غير معلومة لكن المفروض قليلة بسبب قلة الأجزاء الميكانيكة وخلافة لكنها أيضا محكومة بالضمان و الصيانات الدورية ” لنفرضها مثلا 2000 جنية فقط .في 10 سنوات 20000 جنية .
- إجمالي الثمن و المصاريف = 785 + 40 + 20 = 845 ألف جنية .
- السيارة مستهلكة 10 سنوات ” 200000 كم ” و سأترك لك تخيل حالتها من حيث البطارية تقريبا فقدت 60 % من عمرها الافتراضي ” علي أساس أن عمرها 16 سنة و بعدها تحتاج لتغيير لأنها ستكون قد فقدت تقريبا أكثر من 50% من سعتها في 16 سنة “.
من هذا المثال يتضح عدم وجود وفر نهائي في ظل الظروف المصرية الحالية فهناك ثلاث عوامل تمنع تحقيق وفر في ظل الظروف المصرية الحالية سأحاول سردها باختصار:
1- السعر المرتفع للسيارة و الذي يزيد منة سعر الدولار الحالي ويمكن التغلب علية بعدة اقتراحات أولها رفع الجمارك نهائيا عن هذه السيارات وهو واجب حتي من باب المحافظة علي البيئة و أيضا يمكن ” بل يجب ” خفض أسعار ترخيصها السنوي أو إلغاءه تماما, كما يمكن أن يتم تقسيطها و يمكن أيضا إعطاء خصم مثلا 5 % علي كامل ثمنها في حالة أن المشتري يمتلك منظومة توليد كهرباء نظيفة ” شمسية أو رياح ” تتكفل بشحن منظومة السيارة .
2- عمر البطارية و سعرها و هو ما يستوجب معلومات أكثر من البائع ” المصنع ” و لا يجب التغاضي عنه .
3- أسعار الكهرباء و الوقود مقارنة بالدخل و هو شيء نسبي بالنسبة لشريحة المستهلكين ” أثرياء أو طبقة متوسطة ” و متغير لان الأسعار تختلف تبعا لسياسة الدعم .
إذن كيف تحقق الأسواق الأخري وفر يكون سبب في التشجيع علي شرائها ؟ يتحقق ذلك عن طريق ارتفاع سعر البنزين عن الكهرباء في بلادهم و ذلك ناتج عن عدة عوامل أهمها المحطات النووية و محطات الطاقة الشمسية و الرياح وهو ما يعمل علي رخص الكهرباء و توافرها . وهناك أسواق تقوم بتقسيطها علي أقساط ميسرة لمدة طويلة وهو ما يتيح تقليل مخاطرة الاستثمار الكلي فيها و يوسع من شريحة مستخدميها .
و لنضرب مثال بدولة أوروبية و تستطيع عمل نفس الحسابات السابقة طبقا لاسعارها أو مقارنتها بأسعار إي دولة أخري و ستري بنفسك الفارق الشاسع في الوفر لنأخذ مثلا ” المانيا ” حاليا سعر البنزين ( 1.35 يورو لكل لتر وهو متغير تقريبا كل 7 أيام ) أما سعر الكهرباء ( 0.3 يورو لكل كيلو وات ساعة ) مع ملاحظة إن سعر سيارة كهربائية مثل الهيونداي أيونيك في أوروبا يساوي 37000 يورو تقريبا إي ما يعادل سعر 28 ألف لتر بنزين . أما في مصر سعرها 785000 جنية مصري أي ما يعادل سعر 157 ألف لتر بنزين .
مخاطر متعلقة بها :
1- نفاذ الشحن علي طريق سريع . تأتي السيارة بشاحن منزلي غالبا ما يترك في السيارة ويحتاج تقريبا 8 ساعات للشحنة الكاملة . كما يمكن شحنها من محطات شحن ” غالبا ستكون خدمة في محطات الوقود “و تحتاج الشحنة السريعة تقريبا 30 دقيقة . وهو ما يجعل نفاذ الشحن علي طريق سريع أو زراعي أو حتي وسط المدينة شيء مقلق و متعب جدا فعليك إما قطر السيارة “سحبها بسيارة أخري أو باستخدام ونش إنقاذ” لأقرب منفذ شحن سريع لتنتظر 30 دقيقة أو تقطر السيارة لأقرب مكان به كهرباء عادية لتنتظر ساعتين مثلا للوصول لربع مستوي البطارية يتيح لك إكمال طريقك ” 60 كيلو متر مثلا ” في كلتا الحالات يعتبر مضيعة للوقت فالسيارة تحتاج لخطة مسبقة لكل مشوار. و زمن الشحن هذا سيضع قيود علي استخدامك للسيارة فلا تستطيع تدبير عدة مشاوير متعاقبة مثل ذهابك و إيابك من العمل ثم أخذ أفراد أسرتك في رحلة للإسكندرية مثلا . ولذلك السيارات الكهربائية ناجحة في الاتوبيسات و المواصلات الداخلية في دول الخارج لان لها مسار معلوم ومحدد بعدها تذهب للشحن السريع .
2- مخاطر رأس المال و ذلك يرجع لعدم معرفة قيمة إعادة البيع و عمر البطارية و سعرها و عدم معرفة استجابة السوق ” كعرض و طلب ” علي السيارة كسلعة جديدة و مستعملة في الوقت الحالي.
ملحوظة كافة الأسعار و الظروف المبني عليها المقال يمكن أن تتغير بالسلب أو الإيجاب كما أنها تخص مصر فقط لأنها مجال البحث “السيارات الكهربائية في السوق المصري”.
تعليقات