الجزء الثالث: غزوة بدر ومجلس الشوري للمسلين
قد تناولنا في الجزأين السابقين بعض من بداية غزوة بدر أو الفرقان والتي دارت بين مقاتلين المسلمين ومقاتلين المشركين من الكفار, وفي هذا الجزء الثالث هذا سوف نكمل باقية غزوة بدر أو الفرقان.
غزوة بدر أو الفرقان
عندما علم أبي سفيان بقدوم جيش المسلمين إليه وقام بتغير مساره ونجح أنه يهرب من جيش المسلمين, وبينما كان جيش قريش من الكفار في طريقهم إلي بدر, أرسل إليهم أبي سفيان بأنه نجح في الهروب ولا حاجه لهم للذهاب إلي بدر للقتال وان يرجعوا إلي مكة مره آخري, وعندما وصل إلي كبراء قريش هذه الرسالة اجمعوا أن يرجعوا إلي مكة مره آخري ولكن كان هناك رأي واحد مخالف وهو رأي أبو جهل الذي صمم علي الذهاب لملاقاة المسلمين وقال جملته المشهورة وهي
“والله لا نرجع حتى نَرِد بدراً فنقيم بها ثلاثاً، فننحر الجزور ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً، فامضوا”, فوافق كبراء قريش علي رأي أبا جهل ولكن هناك ثلاث أشخاص رفضا هذا الأمر ورجعا إلي مكة وهم الاخنس بن شريق, كبير بني زهرة, وطالب بن أبي طالب.
بينما كان جيش قرش ذاهبون إلي بدر, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بتغيير أبي سفيان طريقة وعلم قدوم قريش بجيش كبير لمقاتلة جيش المسلمين, فدخل في قلوب بعض المسلمين الخوف من ملاقاة المشركين لأنهم وهم ذاهبون لاعتراض القافلة لم يتجهزوا جيداً للحرب وجادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى في كتابه (كَما أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَريقًا مِنَ المُؤمِنينَ لَكارِهونَ*يُجادِلونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرونَ*وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّـهُ إِحدَى الطّائِفَتَينِ أَنَّها لَكُم وَتَوَدّونَ أَنَّ غَيرَ ذاتِ الشَّوكَةِ تَكونُ لَكُم وَيُريدُ اللَّـهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقطَعَ دابِرَ الكافِرينَ), وأخذ رسول الله برأي الصحابة من المهاجرين والأنصار ليجعل الأمر شوري بينهم, فتحدث أبو بكر فأحسن الكلام, ثم تحدث عمر فأحسن الكلام, ثم تحدث المقداد بن عمرو وقال(يا رسولَ اللهِ، امضِ لما أمرك اللهُ به، فنحن معك، واللهِ لا نقولُ لك كما قالت بنو إسرائيلَ لموسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما مقاتلون، فوالَّذي بعثك بالحقِّ، لو سِرتَ بنا إلى بَرْكِ الغَمادِ -يعني مدينةَ الحبشةِ- لجالدنا معك مَن دونَه حتَّى تبلُغَه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيرًا، ودعا له بخيرٍ), ثم تحدث سعد بن معاذ وقال (واللهِ لكأنَّك تريدُنا يا رسولَ اللهِ؟ قال: أجل. قال: فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ. فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحرّ فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ، وما نكرهُ أن تَلقَى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عند اللِّقاءِ، ولعلَّ اللهَ يريك منَّا ما تقرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركةِ اللهِ), فاستبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (سيروا على بركةِ اللهِ وأبشروا، فإنَّ اللهَ قد وعدني إحدَى الطَّائفتين، واللهِ لكأنِّي الآن أنظرُ إلى مصارعِ القومِ)
تعليقات