أضرار التيك توك على الأطفال والعلاج
تطبيق التيك توك اكتسب شهرة وشعبية واسعة لدى الكثيرين واستحوذ على النسبة الكبيرة من الأطفال والمراهقين، وأصبح له اهتمام كبير في حياة مستخدميه، والعدد يزداد يوما بعد يوم، ومنذ ظهور هذا التطبيق بالتحديد وطرأ على المجتمع العديد من السلوكيات الغير مألوفة، مما جعل الحكومات تستهدف بعض مشاهير هذا التطبيق، وتم الحكم عليهم قضائيا، بسبب ما يقدمونه من محتوى لا يتناسب مع أخلاق المجتمع، لذلك يستعرض الدكتور محمد رمضان “أخصائي الصحة النفسية وعلاج الإدمان”، أضرار تطبيق “التيك توك” على الأطفال، وطرق العلاج النفسي الفعال في التغلب على مخاطر هذا التطبيق وتجنب أضراره المتعددة.
أضرار التيك توك صحيًا
يحتاج التيك توك إلى هاتف يظل بين يدي متصفحه هذا التطبيق، وعينين يركزان على محتوى هذا التطبيق، ووضع ثابت أغلب الوقت، مما يؤثر على صحة متابع هذا التطبيق، بمشكلات في أطراف الأصابع، وفي العصب البصري للعينين، وألم بمنطقة الظهر، ويؤثر بشكل أكبر على الطفل الذي لم ينضج جسمانيا، بل ويعرقل عملية النمو لديه.
يهمل الطفل الطعام والشراب، نظرا لانتباهه الذي يجذبه بشكل كلي التطبيق والمحتويات التي يراها وجبة شيقة له، ومع الوقت قد يعاني من مشكلات في نقص بعض الفيتامينات والعناصر المهمة له ولصحته.
أضرار التيك توك معرفيًا
يؤثر التيك توك من خلال ما يُعرض عليه من محتوى على أفكار ومعارف الأطفال، حيث تُبنى معتقدات الطفل على هذه الأُسس العشوائية التي لا تحكمها ضوابط أو معايير، ومما لا يشك فيه؛ يتشكل وعي الطفل على أنها المجتمع الذي يراه على “التيك توك” هو المجتمع الأقرب والمحبب له عن المجتمع الأصلي الواقع الذي المفترض أن ينشأ فيه الطفل مستقبلا.
أضرار التيك توك سلوكيًا
يتعلم الطفل ويكتسب مهاراته من خلال عملية الملاحظة المباشرة، ومع الوقت يبدأ في التعلم بطريقة النمذجة، أي أن يقلد كل من حوله في حركاتهم وسلوكياتهم، لذلك ما يراه الطفل على تطبيق التيك توك، يكون نموذجا له، ويكتسب بعض المهارات السلوكية، التي تجعل المحيطين به يرحبون بهذه الحركات دون التوقف عند مخاطر هذه السلوكيات مستقبلا، وهنا يأتي دور المكتسبات السلوكية السلبية أو الخاطئة والتي تجعل الطفل يتصرف في بعض المواقف بشكل غير لائق، وهي مرحلة يصعب فيها تعديل هذه السلوكيات إذا ما قرر الوالدين زيارة مختص نفسي متخصص في تعديل هذه السلوكيات.
أضرار التيك توك نفسيًا
يصاب الطفل الذي يهتم بمتابعة التيك توك بالعديد من المشكلات النفسية، بدءا من النرجسية التي تنبع نتيجة اعجاب الطفل بنفسه، للدرجة التي تجعله يحس أنه مهم بطريقة كبيرة ويختلف عن باقي أقران عمره، وأنه شخص جذاب.
تسيطر مشاهر الكبت والانغلاق على الطفل نتيجة عزلته والتي تجعله يصاب بالاكتئاب خاصة إذا فشل في تحقيق النجاح الذي يرغب فيه من تفاعل وشهره على هذا التطبيق، وربما في بعض الأحيان قد يلجأ الطفل إلى الانتحار.
أضرار التيك توك اجتماعيًا
العزلة الاجتماعية تستحوذ على حياة الطفل الذي يقضي أغلب وقته مع التيك توك ويندج مع عالم المشاهير داخل هذا التطبيق، ولا يستلذ حياته وقته منذ أن يفتح عينيه حتى يخلد إلى نومه والهاتف بين يديه على هذا التطبيق.
يفتقد الطفل لعملية التواصل الأُسري، والاندماج مع الأسرة، ويفتقد لعملية المشاركة المجتمعية، ويرفض حضور أي مناسبة، أو الذهاب لزيارة الأقارب أو الأصدقاء، وربما يقطع علاقته بأصدقائه.
أضرار التيك توك دراسيًا
عندما يتابع الطفل التيك توك، يجد نفسه أمام مضيعة للوقت باستنزاف كبير، وذلك على حساب دراستهم، وعلى حساب التنوع الثقافي المطلوب للطفل، خاصة في بداية مراحل عمره الأولى التي يجب فيها أن يستفاد بأكثر كم من المهارات سواء التعليمية أو التثقيفية، ويواجه الطفل تراجع دراسي، وعجز مهاري، وفي أغلب الأحيان يحدث رسوب دراسي مآسوي.
أضرار التيك توك على الأطفال، الوقاية، والعلاج
أولا: العلاج الوقائي:
العلاج الوقائي للأطفال الذين لم يدمنوا التطبيقات مثل التيك توك أو الالكترونيات والانترنت بشكل عام، أي الحد من وصول الطفل إلى هذا الإدمان السلوكي:
1. عدم شراء أي أجهزة إلكترونية لطفل ما قبل السبع سنوات.
2. تفعيل تطبيق Google Family Link وربطه بحساب الأبوين لمراقبة ما يتابعه ابنهم.
3. يجب أن يجلس الطفل عدد ساعات محددة على الانترنت لا تتخطى الساعتين ثلاث مرات في الأسبوع فقط بما يعادل ستة ساعات في الأسبوع.
4. يجب مراجعة ما يشاهده الطفل وما يلعبه على الأنترنت والتأكد من صحة وأمان هذه الألعاب.
5. الرجوع للمختص في حال طرأ سلوك معين أو أسئلة غير مألوفة يسألها الطفل.
ثانيا: العلاج المعرفي السلوكي:
يعد هذا العلاج من أهم العلاجات النفسية التي أثبتت نجاحها على مدار أكثر من قرن، وتم استخدامه في علاج العديد من الاضطرابات النفسية، وكذلك في علاج إدمان المخدرات، وأيضا علاج الإدمان السلوكي، مثل إدمان التيك توك والألعاب الإلكترونية:
المرحلة الأولى
1. استخدام طريقة المناقشة بين الطفل وأحد الأبوين أو كلاهما معا، بشكل يكون فكاهي دون النصح أو العتاب أو العقاب، وتقبل فكرة أن الطفل لا يعرف أنه في مشكلة كبيرة.
2. ملاحظة الطفل في ممارساته السلوكية، ومراجعة أفكاره، في محاولة للبحث عن دوافع الطفل التي تدفعه لإدمان تطبيق التيك توك، ربما يكون بسبب رفض أقرانه صداقته أو لأنه يرى أصدقاء عبر التطبيق يحب متابعتهم ويراهم أفضل من أصدقائه في الواقع.
3. البحث عن هوايات الطفل والأشياء الأخرى التي كان يحبها قبل إدمانه التيك توك، والعمل على توجيهه لها ليفصل يومه من هذا التطبيق ولو لساعات قليلة، لحين الخفض من الاهتمام المتزايد بالتيك توك، والرفع من الاهتمام بالأنشطة الأخرى.
4. المكافأة والتحفيز المستمر في حالة نجح في الأنشطة الأخرى أو حقق نجاح في هوايته التي مارسها.
5. البدء في تنظيم يومه مع إعطاء وقت أطول لتطبيق التيك توك، حتى لا ينزعج ويرفض تنفيذ خطة تنظيم يومه.
6. مساعدة الطفل على تكوين صداقات جديدة حتى يخرج من العزلة التي يعيش فيها.
المرحلة الثانية:
1. إخفاء جميع الأجهزة الالكترونية عن الطفل لمدة ثلاثين يوما حتى ينخفض شغفه بتطبيق التيك توك، مع استبدال هذا النشاط بنشاط آخر مثل الرياضة أو ممارسة هواية.
2. إلحاق الطفل بعمل تعاوني – خيري حتى يندمج مع مجموعات بشكل تفاعلي، ويطفي العمل الإنساني على الطفل روح الحب والتعاطف والبهجة.
3. مساعدة الطفل في التخلص من مشاكله الذاتية، إذا كان لا يقبل ذاته، أو يعتقد أنه شخص فاشل بلا قيمة، أو في حالة إذا كانت مشتت، أو متردد، ودعمه نفسيا.
4. الأخذ برأي الطفل في أمور تخص الأسرة والمنزل، حتى ينمو بداخله الشعور بأنه مهم داخل الكيان الأسري، وأنه صاحب رأي، وذو قيمة بينهم.
5. التعرف على طموحات الطفل أو مساعدته في إيجاد أهدافه حتى يعمل الجميع على دعمه ومساعدته في تحقيقها.
المرحلة الثالثة:
العلاج الأسري من أهم العلاجات التي يجب على الأبوين اللجوء إليها في حال عجزهم على مساعدة ابنهم، أو في حال تدهور حالة الطفل، إن اللجوء لمختص نفسي متمرس، ولديه خبرة في العلاج الأسري هو أمر ضروري وفعال جدا في علاج مثل هذه الحالات.
العلاج الأسري لمدمني تطبيق التيك توك، يساعدهم على تعزيز العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة بشكل خاص، والعلاقات الاجتماعية مع المجتمع بشكل عام.
وننتهي هنا إلى أن دور الأبوين مهم جدا في التغلب على هذا الاضطراب السلوكي، ودور المختص النفسي – السلوكي أهم في حال الأبوين عجزا عن مساعدة ابنهم، في التغلب على أضرار التيك توك على الأطفال.
تعليقات